أهمية برّ الأم في الإسلام. خطبة جمعة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى إخوانه النبيين والمرسلين وءال كلّ والصالحين.
إخوة الإيمان، من أراد النجاح والفلاح فليبرّ أبويه، فإن من برّ أبويه تكون عاقبته حميدة، فبرّ الوالدين بركة في الدنيا والآخرة. يقول ربّ العزة في محكم كتابه: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ البقرة ءاية 83.
ويقول تعالى في كتابه العظيم: ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ الآية. النساء / 36 .
ويقول تعالى في كتابه العظيم: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ الآية. الأنعام / 151
ويقول تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ الآية . الإسراء / 23
فكم هو عظيم بِرّ الوالدين، وكم هو عظيم برّ الأمّهات. واسمعوا معي جيدًا هذه القصة.
ذات يوم شعرت المرأة بدوار وسقطت على الأرض سارع زوجها وجلب لها الطبيب الذي قام بفحصها ثم خرج مبتسمًا وقال لزوجها: مبارك حامل. تلك كانت البداية ومعها بدأت معاناة الحمل من شهر إلى شهر حتى دخلت في الشهر التاسع وءان أوان الولادة أتت القابلة وشرعت في عملها وبدأ الطلق يشتد والأمّ تصرخ حتى وضعت الطفل وكان ذكرًا وهدأت الأمّ ثم ما لبثت أن لفظت أنفاسها الأخيرة وماتت أي ماتت بِجمْعٍ أي بسبب الولادة فهي شهيدة، عاش الطفل وحيدًا وتزوج أبوه بامرأة أخرى تعينه في هذه الحياة.
شيئًا فشيئًا كبر هذا الطفل حتى أصبح في سنّ الثلاثين، وكان أبوه قد أخبره بقصة ولادته ووفاة أمّه فكان يتردّد إلى المقبرة لزيارة أمّه من حين إلى ءاخر ويقرأ لها شيئًا من القرءان امتنانًا لتلك الأمّ التي حملت به وماتت بعد ولادته وكان مما أحزنه كثيرًا أنه لم يرها إلا في الصورة.
في أحد الأيام توفي أحد أقاربه فذهب مع والده يواسيه وانطلقت الجنازة إلى المقبرة ولم يكن لديهم سوى قبر واحد وهو ذاك القبر الذي ضمّ هذه الأمّ.
بدأ الحفّار يعمل بحفر القبر ومن ثم أزال تلك البلاطة الكبيرة ليضع الميت في القبر وهنا كانت المفاجأة الكبرى والصدمة المذهلة فقد وجدوا هذه الأمّ كما هي يوم دفنوها منذ ثلاثين عامًا لم يتغَيّر منها شىء وكانت هذه المرة الأولى التي يرى الولد أمّه فَنَزل إلى القبر وبدأ يقبِّل وجنتيها وهو يبكي وسط ذهول الحاضرين الذين بدأوا بالتكبير والتهليل والبكاء وحاولوا سحب الولد عن أمه، ثمّ بجهد استطاعوا رفعه من داخل القبر وهو يبكي ويشهق حتى إن الحاضرين نسوا الميت الذي أتوا به لدفنه. أعادوا القبر كما كان ودفنوا قريبه في قبر ءاخر بشق النفس وقد هالهم ما رأوه.
هذه الحادثة إخوة الإيمان فيها الكثير من العبر منها أن نعلم كم هو فضل الأم الصالحة على أولادها وكيف على الولد العاقل أن يَبَرّها بعد موتها فكيف في حياتها وأنه لا يكون ابنًا عاقًا لها وأن يسعى لإرضائها في حياتها.
وتذكّر أخيرًا أيها الابن أنك لن توفي حقّ أمّك ولا بطلقة واحدة من ءالام الولادة.
واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ ِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ سورة الأحزاب، اللّـهُمَّ صَلِّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ.
يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ سورة الحج، اللّهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.
عبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.
والحمد لله رب العالمين.
https://www.islam.ms/ar/?p=228